Saturday 10 January 2009

التاريخ الروسي .. ستالين بطلا !!








القمع الستاليني كان أسطورة لا تدعمها حجج. كثير من الناس توبعوا لأسباب معقولة لأنهم قاموا بأعمال تستوجب المتابعة‘. هذا ما قاله الجنرال المتقاعد فالينتين فارنينكوف (85 سنة) في ختام مرافعته عن ستالين التي قدمت في العرض التلفزيوني الذي اختيرت فيه الشخصية الروسية الكبرى عبر التاريخ. انتهى ستالين باحتلاله للرتبة الثالثة؛ أمر ملفت للنظر.

قلل الجنرال فارنينكوف ومعه ثلث الشعب الروسي من 'شطط‘ وانحرافات النظام الستاليني، وركز بالمقابل على الجوانب 'الإيجابية‘ منه ستالين حافظ على أمن البلد، قهر هتلر- ألمانيا وجعل من روسيا ما بعد الحرب دولة عظمى في زمن قياسي.

وعلى العكس، يرى عدد كبير من الروس أن ستالين قاتل لا يرحم. طارد الملايين من المواطنين بلا شفقة. كما أنه كان السبب المباشر في الخسائر الفادحة في الأرواح خلال الحرب الروسية ضد هتلر؛ أكثر من خسائر كل المشاركين في الحرب مجتمعين. وعلى العموم فإن الشباب أكثر من الكبار انتقادا لستالين.

جاءت نتيجة العرض التلفزيوني للبحث عن 'أعظم الروس عبر التاريخ‘ على عكس الاستبيانات التي كانت تنشر كل سنة. ولذلك لا يمكن الحديث هنا عن نتيجة تصويت موضوعية. فلقد تقدم على ستالين رجل الدولة والقديس أليكساندر نيفسكي الذي عاش في القرن الثالث عشر ورئيس الوزراء بيوتر ستوليبين قبيل الثورة وانتهى مباشرة قبل الشاعر الروسي الكبير إليكساندر بوشكين وهو في حد ذاته أمر سخيف.

ستالين بطل تلفزيوني
ليس أقل عجبا أو غرابة من المرتبة الثالثة لستالين، ينبغي ملاحظة من حصل على الرتبتين الأولى والثانية. كل واحد منهما حصل على أكثر من نصف مليون صوتا، لكن يبدو أن أقلية من المصوتين أدلوا بأصواتهم أكثر من مرة. ولعل حصول أليكساندر نيفسكي على هذا العدد الكبير من الأصوات يرجع إلى الفلم الذي يتناول حياته، والذي بدأ عرضه مؤخرا. نفس الشيء ينطبق على ستالين الذي كانت أفلامه تعرض باستمرار في المسلسلات التاريخية، وأصبح بالتالي نوعا من 'البطل التلفزيوني

وعندما بدأنا السؤال، ظهر أنه لا أحد في محيطنا على علم بانتخاب 'الشخصية الروسية العظمى‘، وبالأحرى الاهتمام بالأمر. 'النقاش حول
التاريخ الوطني‘ كما يقدمه هذا البرنامج هو تاريخ مصور لا يمكن أن يتعدى تأثيره أسوار استوديوهات التلفزيون.

كلمات ضخمة
هذا أمر مؤسف، ذلك أن هذا النوع من النقاش ضروري للبلد الذي، كلما ألقى نظرة عميقة على تاريخه الوطني، كلما تأكد أن ذلك تفرضه
الحقيقة السياسية الراهنة. الكلمات السحرية في روسيا تحت فلاديمير بوتين هي: 'القوة العظمى‘، 'روسيا انطلقت‘، 'الانبعاث‘، 'الميلاد الجديد‘ و 'افرض الاحترام عبر العالم‘.

كلمة 'عظمى‘ في معناها 'الضخم‘ و 'الجبار‘ كانت مناسبة أيضا لسماع جملة أخرى في العرض التلفزيوني: 'اسم روسيا‘. هذا المنحى
الجديد لا يعطي أي مجال لنظرة ناقدة على التاريخ الوطني المعاصر.

نتيجة هذا التوجه الجديد يمكن استخلاصها من الكتب التاريخية الحديثة التي تنشر بأمر من الكرملين. نعم، يمكن أن تقرأ في هذه الكتب أن الشعب كان مقموعا في عهد ستالين، إلا أن ذلك كان ضروريا: 'الإسراع في تحديث البلد كان بحاجة إلى إدارة مناسبة قادرة على تنفيذ توجهاتها‘. وهكذا يقدم ستالين كأحد 'أنجح القيادات في الاتحاد السوفيتي‘.

شهود صامتون
وبهذه الكيفية يتعرف التلاميذ الروس على إحدى الفصول الدامية من فترات تاريخهم الوطني، لكن من دون الدخول في تفاصيل الجانب الدموي منها. وفي الوقت الذي يقدم الانتصار على ألمانيا الهتلرية بنوع من التضخيم، ما تزال روسيا لا تتوفر على متحف خاص بالجولاغ
ماذا يوجد بالفعل؟ كتب، أرشيف، صلبان وأشياء تذكارية صغيرة موزعة على أنحاء روسيا، شهود صامتون على حقبة ستالين المظلمة. هؤلاء هم الذين ينتظرون اهتمام التلاميذ الروس.

No comments: