رغم التزايد المستمر في عدد الطلبة الأجانب القادمين إلى ألمانيا للدراسة ورغم تعلمهم للغة الألمانية أثناء فترة دراستهم، تشهد اللغة الألمانية تراجعاً ملحوظاً في المجالات العلمية.
تحتل ألمانيا المرتبة الثالثة بعد كل من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا من حيث نسبة عدد الطلاب الأجانب الوافدين عليها. ومؤسسة هومولدت الألمانية وحدها، تدعو في كل سنة 1500 عالم إلى ألمانيا لمواصلة أبحاثهم العلمية، يواظب نصفهم تقريباً طيلة فترة إقامتهم على تعلم الألمانية. لكن هذا لا يغير حقيقة تراجع الإقبال على استخدام اللغة الألمانية وسط صفوف الأجيال الشابة من العلماء. ولذلك فقد خصصت لجنة الشؤون الثقافية في مجلس النواب الاتحادي جلسة خاصة تحت عنوان: "السياسة الخارجية للثقافة والعلوم"، ناقش خلالها الحاضرون مدى مساهمة الطلبة الأجانب في نشر اللغة الألمانية كلغة للثقافة والعلوم عند عودتهم إلى بلادهم
"حتى العلماء الألمان يتجهون للإنكليزية"
العولمة والانترنت زادتا من انتشار اللغة الإنكليزية" وفي هذا السياق، ذكر رالف موسيكات، رئيس لجنة العمل التي يطلق عليها "الألمانية كلغة علمية" أن نحو67 بالمائة من الحاصلين على البعثات العلمية متخصصون في العلوم الطبيعية ويقومون بدراساتهم وأبحاثهم بالإنكليزية. ويضيف موسيكات في هذا الإطار: "ما يثير القلق ليس كون الإنكليزية أصبحت اللغة الوحيدة المستخدمة في المؤتمرات الدولية، لكن ما يثير القلق بالأكثر هو الاتجاه المتزايد داخل ألمانيا للاستغناء عن الألمانية، فقد وصل الأمر إلى درجة الاقتصار على التحدث بالإنكليزية خلال المؤتمرات الوطنية أو أثناء تبادل أطراف الحديث بين عالمين ألمانيين في المختبر
من ناحية أخرى، يؤكد فيلكس جريجات من رابطة المعاهد الألمانية العليا، أن أكثر من 90 بالمائة من الدراسات والأبحاث العلمية التي يتم
نشرها في شتى أنحاء العالم، تنشر بالإنكليزية. كما أن ظاهرة العولمة وانتشار استخدام الإنترنت ساهمت بشكل قوي في اتساع نطاق استخدام اللغة الإنكليزية في كل المجالات. لكن رالف موسيكات يشير إلى أن استخدام اللغة الأجنبية لا يعطي للشخص حرية التعبير والقدرة على المناقشة بدقة، مهما وصل إتقانه لتلك اللغة الأجنبية.
ولذلك فهو يدعو المعاهد العليا والجامعات في ألمانيا إلى التحلي ببعد النظر عند استخدام الإنكليزية، وبعدم اللجوء إليها إلا عند الضرورة، مثلاً خلال المؤتمرات الدولية. كما يضيف موسيكات أنه من الضروري دفع الطلبة الوافدين إلى تعميق معرفتهم باللغة الألمانية للتمكن من التعرف على البلاد وعلى ثقافتها بشكل أعمق
"الألمانية لغة ضرورية عند دراسة العلوم الإنسانية"
للألمان إرث ضخم في مجال العلوم الإنسانية إلا أن أولريش أمون، أستاذ اللغة، من جانبه لا يرى أن تلك الإجراءات تكفي لإعادة للغة الألمانية ما كانت تتمتع به من مكانة كلغة علمية قبل الحرب العالمية الأولى، وإن كان يؤكد على أن الألمانية مازالت تحظى باهتمام كبير في الخارج، فيما يتعلق بالعلوم الإنسانية. وفي رأيه، يجب دعم فروع العلوم الإنسانية من خلال برامج دعم لأبحاث تنشر بالألمانية. وفي هذا السياق، يضيف ماتياس ماكوفسكي، مدير قسم اللغة في معهد جوته أنه لا يمكن دراسة فروع العلوم الإنسانية في أوروبا الوسطى والشرقية دون إلمام باللغة الألمانية، مضيفاً أن الدارسين لهذه الفروع في الجامعات الألمانية يصبحون سفراء للثقافة الألمانية عند العودة إلى بلادهم.
No comments:
Post a Comment